زي النهاردة في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 2003 فقد العالم المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الذي ترك بصمة عميقة في مجالات الأدب والنقد الثقافي والسياسة حيث كان لكتاباته تأثير كبير في فهم الهوية الفلسطينية والنقد الاستعماري أسهمت أفكاره في توسيع آفاق النقاش حول الثقافة والسلطة وفتحت المجال أمام حوارات جديدة حول الهوية والانتماء واحتفظت ذاكرته بمكانة خاصة في قلوب الكثيرين الذين تأثروا بفكره الرائد وأسلوبه الفريد في التعبير عن القضايا الإنسانية التي واجهها الشعب الفلسطيني في مسيرته نحو الحرية والعدالة.

إدوارد سعيد: مفكر فلسطيني ومؤرخ ثقافي

إدوارد وديع سعيد، وُلِد في 1 نوفمبر 1935 في القدس لعائلة مسيحية، حيث كان والده فلسطينيًا أمريكيًا وأمه فلسطينية لبنانية مسيحية، بدأ سعيد مسيرته التعليمية في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة البكالوريوس من جامعة برنستون في عام 1957، تلاها درجة الماجستير في عام 1960 والدكتوراه من جامعة هارفارد في عام 1964، قضى معظم حياته الأكاديمية كأستاذ في جامعة كولومبيا في نيويورك، لكنه لم يقتصر على ذلك، بل عمل أيضًا أستاذًا زائرًا في عدة مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل جامعة ييل وهارفارد وجون هوبكنز، إلى جانب كونه ناقدًا أدبيًا بارزًا، كان لديه اهتمام عميق بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين.

تأثير إدوارد سعيد على الفكر العربي والغربي

كان إدوارد سعيد ناقدًا حادًا للإعلام الغربي وصناع السياسة، حيث أوضح كيف تتضافر القوى الغربية لتحقيق مصالح غير عادلة، من خلال خطاب ثقافي منحاز يعزز من مصالح الغرب، ويعتبر كتابه "الاستشراق" من أهم أعماله، حيث أسس فيه لفرع دراسات ما بعد الكولونيالية، وقد كان من أبرز المعارضين لاتفاقيات أوسلو، حيث اعتبرها صفقة خاسرة للفلسطينيين، وقدم نقدًا لاذعًا لقادة مثل ياسر عرفات.

إرث إدوارد سعيد ومؤلفاته

كان سعيد يؤمن بحل قائم على إقامة دولة ثنائية القومية، وقد أسس مع عدد من الشخصيات الفلسطينية مثل الدكتور حيدر عبدالشافى والدكتور مصطفى البرغوثى المبادرة الوطنية الفلسطينية، التي تهدف إلى تعزيز الهوية الفلسطينية وإجبار العالم على الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، بعد إصابته بمرض السرطان في عام 1999، بدأ في كتابة مذكراته تحت عنوان "خارج المكان"، وتوفي في 25 سبتمبر 2003 متأثراً بمرض اللوكيميا، ومن مؤلفاته الأخرى "جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية" و"مسألة فلسطين" و"الثقافة والإمبريالية"، مما يعكس عمق تفكيره وتأثيره في الساحة الثقافية والسياسية.