في اليوم العالمي للترجمة نتأمل في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وإنسانية الكلمة وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تسهم في تعزيز الفهم بين الثقافات المختلفة بينما تظل روح الإبداع هي ما يميز الترجمة البشرية فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة الكلمات بسرعة ودقة فإن الإحساس والعاطفة التي يحملها المترجم البشري لا يمكن تقليدها بسهولة لذا فإن الاحتفال بهذا اليوم يدعونا للتفكير في أهمية الترجمة كفن يتجاوز مجرد نقل الكلمات إلى نقل المعاني والمشاعر التي تعكس ثقافات الشعوب المختلفة.

الاحتفال باليوم العالمي للترجمة

منذ عام 1991، يحتفل العالم في الثلاثين من سبتمبر باليوم العالمي للترجمة، حيث تتوجه الأنظار إلى المترجمين، هؤلاء الجنود المجهولون الذين يسهمون في نقل النصوص عبر الحدود والثقافات، ويأتي هذا الاحتفال تكريمًا لذكرى القديس جيروم، أحد أبرز المترجمين في التاريخ، الذي قام بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية، مما أسهم في فهم النصوص الدينية بين ثقافات متعددة.

شعار هذا العام: "الترجمة، صياغة مستقبل جدير بالثقة"

تحت شعار "الترجمة، صياغة مستقبل جدير بالثقة"، يحتفي هذا العام بالتحولات الكبيرة التي يشهدها مجال الترجمة، خاصة مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي واستخدامها المتزايد في الترجمة الآلية، حيث يشدد الاتحاد الدولي للمترجمين على أهمية الثقة البشرية ويؤكد على دور المترجمين في ضمان تواصل موثوق وبناء حوار مستدام، كما أن مسؤولية هؤلاء المهنيين تتطلب الإشراف على المحتوى الناتج عن أدوات الذكاء الاصطناعي، والتي تحتاج إلى تدقيق لغوي ومراجعة ثقافية لا تستطيع الخوارزميات القيام بها بمفردها.

الاحتفالات المحلية والدولية

على المستوى المحلي في مصر، يُولي المركز القومي للترجمة اهتمامًا خاصًا لهذا اليوم، حيث ينظم احتفالية بعنوان "يوم المترجم" بقاعة السينما في مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية، ويعتبر المركز الذي أُسس في عام 2006 جزءًا من المشروع القومي للترجمة، الذي يسعى إلى ردم الفجوة المعرفية بين العالم العربي وبقية العالم عبر ترجمة آلاف الكتب من لغات متعددة، مؤكدًا أن المترجم ليس مجرد ناقل للكلمات، بل هو صانع معرفة ومهندس ثقافي.

أما على الساحة الدولية، فتتنوع الفعاليات بين ورش العمل والندوات، حيث نظّم "معهد اللغويين المجازين" في المملكة المتحدة ندوة افتراضية شارك فيها نحو 300 مترجم، وأظهر الاستطلاع الذي أُجري بين المشاركين تباينًا في الآراء حول استخدام أدوات الترجمة الذكية، حيث أعرب البعض عن حماسهم بينما أبدى آخرون قلقهم بشأن مستقبل مهنتهم في ظل التحولات الرقمية السريعة.

في النهاية، يظل الحس الإبداعي والثقافي للمترجم البشري حجر الأساس في أي عمل ترجمي جاد، كما أكد مدير دار فكر للنشر والتوزيع، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في الترجمة، لكنه لا يستطيع فهم الإحساس اللغوي وروح النص، خاصة في الأعمال الأدبية، وهو ما يجعل دور المترجم البشري لا غنى عنه في عالم الترجمة.