في الذكرى الـ838 لفتح القدس نتذكر كيف كان صلاح الدين نموذجاً يحتذى به في الوحدة والرحمة والانتصار فقد استطاع بفضل حكمته وشجاعته أن يجمع شمل المسلمين في وقت كانت فيه الأمة تواجه تحديات كبيرة كما أن انتصاراته لم تكن مجرد انتصارات عسكرية بل كانت تجسيداً لقيم التسامح والتعاون بين الشعوب المختلفة مما جعل من سيرته مدرسة حقيقية في كيفية تحقيق الأهداف النبيلة من خلال الالتزام بالمبادئ الإنسانية السامية التي تظل خالدة في ذاكرة التاريخ وتلهم الأجيال القادمة لتحقيق الوحدة والرحمة في مواجهة التحديات الحديثة التي نعيشها اليوم.

ذكرى فتح القدس: انتصار صلاح الدين الأيوبي

في مثل هذا اليوم، الثاني من أكتوبر عام 1187م (27 رجب 583هـ)، حقق القائد صلاح الدين الأيوبي انتصارًا تاريخيًا بدخوله إلى مدينة القدس بعد معركة حطين الخالدة، حيث أنهى نحو 88 عامًا من الاحتلال الصليبي للمدينة المقدسة، لم يكن هذا الفتح مجرد انتصار عسكري، بل كان محطة مضيئة تجسد قيم العدل والتسامح، وتعزز مكانة القدس في وجدان الأمة الإسلامية.

الدروس المستفادة من فتح القدس

في الذكرى الـ838 لهذا الحدث الفارق، استطلعت «إقرأ نيوز» آراء نخبة من أساتذة التاريخ الإسلامي حول دلالاته المتجددة، حيث أكد الدكتور محمود عبده، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن صلاح الدين أدرك أن نجاح خطته لتحرير القدس يعتمد على ركيزتين أساسيتين: البعد الديني ووحدة الجبهة، حيث ربط معاركه بالرمزية الدينية، وحرص على توحيد القوى الإسلامية، مما أدى إلى تشكيل جيش ضخم متماسك قاد إلى النصر الحاسم في معركة حطين.

صلاح الدين: قائد إنساني ورؤية استراتيجية

من جانبه، أكد الدكتور حاتم السيد مصطفى، الباحث في التاريخ الإسلامي، أن صلاح الدين الأيوبي جمع بين الصرامة العسكرية والبُعد الإنساني، مما جعل فتح القدس حدثًا فارقًا في تاريخ العالم الإسلامي، حيث أرسى قيم التسامح والعدل، وأمّن أهل المدينة، مسلمين ومسيحيين، على أرواحهم وأموالهم، وهو ما يعكس أن القوة وحدها لا تكفي لتحقيق الانتصار، بل يجب أن تسندها القيم الإنسانية.

التحديات الحالية ودروس التاريخ

أما الدكتورة أماني قطب، مدرسة التاريخ الإسلامي بجامعة أسيوط، فقد رأت أن قراءة الحدث اليوم تكشف عن أبعاد شديدة الشبه بالواقع الراهن، حيث يعاني العالم الإسلامي من التشرذم، تمامًا كما كان الحال في زمن صلاح الدين، الذي أعاد مصر إلى الخلافة السنية وقوّى الجبهة الداخلية، مما جعل تجربته في التخطيط العسكري والسياسي والروحي نموذجًا يحتذى به حتى يومنا هذا.

صلاح الدين الأيوبي - صورة أرشيفية

بهذا، يبقى فتح القدس حدثًا تاريخيًا ليس فقط لأنه أنهى الاحتلال، بل لأنه أرسى قيمًا إنسانية سامية لا تزال تلهم الأجيال حتى الآن.