أكد خبراء تربية وأساتذة جامعات أن غياب تدريس «الأخلاقيات المهنية» يشكل مخالفة دستورية تهدد المنظومة التعليمية بشكل كبير حيث أن إدراج هذه المادة في المناهج التعليمية يسهم في تعزيز القيم الأخلاقية لدى الطلاب ويؤهلهم لمواجهة التحديات المهنية في المستقبل كما أن تعزيز الأخلاقيات المهنية يساهم في بناء مجتمع أكثر وعياً واحترافية مما يعزز من جودة التعليم ويحقق التنمية المستدامة في البلاد لذا يجب على الجهات المعنية أن تولي اهتماماً أكبر لهذا الجانب لضمان تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.
أهمية تدريس الأخلاقيات المهنية في الجامعات المصرية
في ظل التغيرات المجتمعية السريعة، تواجه المؤسسات التعليمية تحديات متعددة، ويعد غياب تدريس الأخلاقيات المهنية في الجامعات أحد أبرز النقاط المثيرة للقلق التي يطرحها أساتذة وخبراء التربية، ورغم النص الدستوري الواضح في المادة 24، الذي يلزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاقيات المهنية، إلا أن هذا الالتزام لم يُطبق بشكل فعلي حتى الآن، مما أدى إلى فراغ واضح في الواقع الأكاديمي والبحثي.
مشكلات ناتجة عن غياب الأخلاقيات المهنية
يؤكد الخبراء أن هذا الغياب أسهم في ظهور مشكلات متكررة مثل ضعف الالتزام بالسلوكيات الأكاديمية، وتزايد الممارسات غير المنضبطة داخل الحرم الجامعي، بالإضافة إلى ملاحظات حول قصور الأمانة العلمية وتراجع ثقافة التوثيق والاقتباس في بعض الأبحاث ورسائل التخرج، ويشير الدكتور محمد كمال، أستاذ مساعد القيم والأخلاق بجامعة القاهرة، إلى أن هناك خللاً جوهريًا في المنظومة الجامعية المصرية، حيث إن جميع الجامعات تخالف نصوص الدستور بعدم التزامها بتدريس الأخلاقيات المهنية.
ضرورة إدراج مقررات أخلاقيات مهنية
أوضح الدكتور كمال أن تدريس الأخلاقيات المهنية ليس مجرد خيار، بل ضرورة أكاديمية ومجتمعية، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية الحالية، حيث تراجع دور بعض الأسر في تعزيز القيم الأخلاقية، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة لبناء مناهج تعتمد على أسس علمية واضحة، تبدأ بتعليم الطالب مصادر القيم الأخلاقية، ثم القواعد العامة، وأخيرًا التطبيق العملي في مجاله التخصصي، مثل الطب أو الهندسة أو الإعلام، حيث إن الجامعات العالمية تعتمد على أساتذة متخصصين في علم الأخلاق لوضع هذه المناهج، بينما في مصر يُوكل الأمر أحيانًا لأساتذة من تخصصات أخرى، مما يعد خطأ جوهريًا.
آليات قياس أثر تدريس الأخلاقيات
أكد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، أن تدريس مقرر عن الأخلاق لطلاب المرحلة الجامعية يعد أمرًا بالغ الأهمية، حيث يسهم في تحقيق الانضباط والالتزام السلوكي داخل الحرم الجامعي، ويعزز الالتزام بالمبادئ والأخلاقيات المصاحبة لكافة أوجه النشاط التعليمي والبحثي، كما شدد على ضرورة أن يكون هناك آلية لقياس أثر تدريس هذه المقررات، لضمان اكتساب الطلاب منظومة القيم التي تؤهلهم لممارسة مهنهم بشكل مسؤول، فالمجتمع بحاجة ملحة لإدراج الأخلاقيات المهنية كمادة أساسية وملزمة.
دور الأسرة في تعزيز الأخلاقيات
لا يمكن إغفال دور الأسرة كمؤسسة اجتماعية أولى تسبق المدرسة والجامعة في تعليم الأخلاق، حيث يبدأ تعليم القيم منذ نعومة الأظافر، ويجب أن يكون هناك تكامل بين الأسرة والجامعة في تعزيز القيم الأخلاقية، فالأخلاق العامة يتم تعليمها للطلاب منذ مراحل العمر الأولى، بينما أخلاقيات المهنة ينبغي أن تُدرس في المرحلة الجامعية، حيث تكتسب أهمية خاصة في مجالات العمل المختلفة.
الخاتمة
في النهاية، يتضح أن تدريس الأخلاقيات المهنية في الجامعات المصرية ليس خيارًا بل ضرورة ملحة لضمان تخريج أجيال من الطلاب يحملون خلفية موحدة عن الجوانب الأخلاقية لمهنهم، مما يسهم في بناء مجتمع صحي ومتوازن، ويعزز من التزام الأفراد بالقيم والمبادئ الأخلاقية في كافة مجالات الحياة.
التعليقات